السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
((( روان )))
آه يأختي دعينا نتوقف هنا تحت تلك الشجرة لنستظل بظلها لقد تعبنا من الركض واللهو وحرارة الشمس بدت تزداد .. حسنا حسنا يأختي سنفعل ماتريدين ولكنك أيتها الكسولة أنتبهي فقد بديت وكأنكِ عجوزٍ في الخمسين من عمرها فنحن مازلنا أطفالاً يفترض أن نستمتع بوقتنا .
هكذا كانتا روان واختها التي تكبرها بسنة يقضيان إجازتيهما السنوية في مزرعة جديهما في كل صيف بعد إنتهاء كل عام دراسي ..
وفي ليلة من الليالي وبينما عبير وروان يستعدان للنوم استلقت عبير على سريرها متعبة فقد غشا النعاس عينيها بينما روان على عكسها تماماً وفي اثناء ذلك راحت روان تحلق بعينيها في الأفق البعيد ، رأتها عبير وسألتها : فيما تفكرين عزيزتي ؟؟!!
ردت روان عليهاقائلة : أتظنين أننا سنبقى طوال العمر أختان متحابتان لن تفرقنا الأيام ..؟؟ وهل تعتقدين أننا سنحقق احلامنا التي نتمناها.. ؟؟
أجابت عبير: طبعاً عزيزتي فنحن لسنا أختان فقط ولكن زميلاتان أيضا وفي فصل دراسي واحد والحمد لله , ولن يفرقنا إلا الموت ؛ ونحن بأذنه تعالى سنحقق كل أحلامنا ؛ ولكن روان ما هي أحلامك حدثيني عنها ؟
قالت روان: أنتي أولاً حدثيني عن أحلامك وطموحك فأنتي الأكبر وبعدها سأخبركِ عن أحلامي ..
أجابت عبير : أنا أحلم وأطمح أن أصبح معلمة رياضيات فهذه المادة رغم صعوبتها الا انها تستهويني كثيراً .. قاطعتها روان رياضيات ؟؟!! بعدها هزت روان برأسها الذي يعانق وسادة أحلامها وقالت :أرجو لكي التوفيق وتحقيق حلمكِ إن شاء الله .
قالت عبير: ولكن لماذا قلتي رياضيات بتعجب وكأنكِ تفكرين بشيء آخر .
أجابتها روان : أجل فأنا طموحي مختلف عنكِ تماماً فبالرغم من أنني أطمح أن أصبح معلمة ولكن معلمة لمادة التاريخ تيمناً بمعلمتي العزيزة التي لن أنساها معلمة الإجتماعيات سعاد فأنتي تعلمين مدى اعجابي الشديد بها أو ان أتخصص بدراسة الفنون الطبيعية و اصبح رسامة مشهورة أألف مع اللوحة والريشة أجمل حكايات العشق والتفاهم .
أدارت روان رأسها لأختها وهي تقول : ما رأيكِ بأحلامي وهل تعتقدين أنني سأحققها ؟
أجابتها عبير : ياله من توجه صائب فأنتي وبشهادة معلمة التربية الفنية موهوبة في هذه المادة وكذلك معلمة التاريخ تهتم بكِ كثيرا أرجو لكِ تحقيق حلمكِ حبيبتي , وبحول الله سنجتهد أنا وانتي لتحقيق أحلامنا .
وبعدها غطا روان وعبير في نوم عميق وهما يتوقان لذلك اليوم .
ومرت الأيام قاربت فيهاالأجازة الصيفية على الانتهاء وجاء يوم مغادرتهما مزرعة جديهما عائدتان لمنزلهما إستعداداً للعام الدراسي الجديد فهما الأن بأخر سنة بالمرحلة المتوسطة .
وبدأ العام الدراسي وعبير وروان يجتهدان في دراستهما بكل جد وإجتهاد وهما يحصدان الدرجات العليا في جميع المواد مع إختلاف بسيط بينهما فعبير تتفوق على روان في مادة الرياضيات وروان متفوقة على عبير في مادة الاجتماعيات إضافة لإجادتها وموهبتها في مادة الرسم ، وهما يتمتعان بحبهما الكبير لوالديهما ولبعضهما .
ومرت الأيام والشهور وأنتهى العام الدراسي وبدأ عام جديد ومرحلة جديدة وهي مرحلة الثانوية التي معها بدآ عبير وروان يشعران انهما أصبحتا فتاتان ناضجتان يتصرفان بطريقة مختلفة عن حياة الطفولة متجاوزتان السنة الأولى من المرحلة الثانوية بتفوق تام ، إلى ان جاءت السنة الثانية من المرحلة ذاتها التي تعتبر مفترق الطرق بالنسبة لروان وعبير لأن حلميهما مختلف ..
وفي يوم من الأيام أجتمع والدا عبير وروان بهما ليتحدثان معهما عن مستقبلهما الدراسي القادم فسأل الأب في البداية عبير عن ماترغب بالتخصص في دراستها .. أجابت : إنني أرغب بدراسة القسم العلمي حتى أتمكن من التخصص في مادة الرياضيات التي اعشقها كثيراً ..
وفي أثناء ذلك بدت على وجه أبيها علامة الارتياح والرضا وأجابها مبتسما :
عظيم بنيتي فهذا ماكنت أطمح أن تكونوا عليه فليوفقكم الله ، وبعدها التفت الأب لروان وسألها عن طموحها الدراسي ، وفي أثناء ماكان يحدثها والدها كانت روان قد سرحت بفكرها قليلاً متفاجأة من حديث والدها لعبير..!! فأنثابها خوفا لا تعلم سببه ، قطع والدها سرحانها مكرراُ عليها نفس السؤال .
فأجابته قائلة : يا أبي تعلم أنني متفوقة بعض الشيء في مادتي الاجتماعيات والرسم ، وارغب في دراسة القسم الأدبي لكي أتخصص بدراسة واحدة من تلك المادتين .. وأثناء حديثها بدأ على والدها ملامح عدم الأرتياح من حديثها..
قائلاً لها : ولكن عزيزتي تعلمين أن هناك تمة أسباب تجعلني لا أوافقكِ الرأي فأنتي واختك طوال حياتكما الدراسية وأنتم لم تفترقا ، إضافة لرغبتي الشديدة في أن تدرسا القسم العلمي والتخصص بدراسة احدى مواده في المرحلة الجامعية حتى نفتخر بكما أنا ووالدتكما أمام الجميع ، وأيدته على كلامه والدتهما وهي تتحدث عن أمنيتها وشوقها الكبير لتحقيق أبنتيها ذلك ..
حاولت روان أن تشرح لهما موقفها من تلك الرغبة وأن ميولها لاتتفق مع رغبتهما
وهي تقول لهم : ابي امي كنت اتمنى ان احقق لكما رغبتكما ولكن للاسف فميولي ليست فيما تتمنيانه .
ولكن رغبة والديها واصرارهما حالت دون إقناعهما برغبتها بالرغم من تدخل عبير في الحديث لتوضيح الموقف لوالدهما وأن هناك شيء اسمه الميول هو الذي يحدد مستقبل الأنسان العلمي بعد الله سبحانه وتعالى .
ولكن كان قرار الأب والأم حاسماً فما كان من روان سوى تحقيق رغبة والديها وهي تمني نفسها بأنه مازال هناك أمل فإذا كان تخصصها في مادة التاريخ أصبح مستحيل بعد أن التحقت بالقسم العلمي رأت أن الطريق مازال مفتوحاً أمامها لدراسة مادة الرسم .
ومرت السنين بسلام وقضت روان إجازتها وهي تفكر بكلام والدها وهل سيتغير رأيه ويسمح لها بدراسة الرسم والتخصص به بعد ان أصبح هو املها الوحيد ..؟؟
ام ان حلمها سيتحطم تحت اقدام رغبة والديها واصرارهما على موقفهما ...؟؟
وعلى العكس كانت عبير تقضي إجازتها بتمتع وسعادة كبيرة وهي تتوق لدخول أبواب الجامعة ودراسة المادة التي طالما حلمت بها .
(( لكم مني ارق واطيب تحية ملؤها الاحترام والتقدير ))